الحمد لله الربِّ الغفور، العفو الرؤوفِ
الشكور، الذي وفّق من شاء من عباده لتحصيل المكاسب والأجور، وجعل شغلهم بتحقيق
الإيمان والعمل الصالح، يرجون تجارةً لن تبور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، الذي بيده تصاريف الأمور، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل آمر وأجل
مأمور،
قُل لِلْحرُوفِ إِذَا سَكبَت عبِيرَهَا |
مَنْ غَير أحْمد يستحِقُّ
مدائِحِي |
اللهم صلّ وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه
والتابعين لهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور.
أما بعد: أيها الناس، أما بعد: أيها
الناس، اتقوا الله تعالى، وراقبوه تفوزوا برضاه، قال جل شانه: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ومَنْ يُطِعْ اللَّهَ ورَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب:71]
عباد الله:ما زلنا وإياكم مع
سورة لقمان، ووصايا لقمان، ذلك الأب الرحيم الذي أتاه الله الحكمة فهو ينظر إلى ابنه
نظرة شفقة وعطف، حتى لا يقع في مهاوي الزيغ والضلال، ولهذا كانت وصاياه من الأهمية
بمكان تلك الوصايا الإيمانية التربوية الخُلُقية، تلك الوصايا التي ترسم منهجاً
للآباء والأمهات، والمربين والمربيات.
ومع الوصية الأولى: يقول
تعالى: ﴿ وإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا
تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان:13].
إنها العقيدة، إنه الإيمان بالله (¸)، إنها التربية الإيمانية بدايتها البراءة
من الشرك والتحذير منه.
قال ابن القيم -/ -:©من أراد
علو بنيانه في التربية فليحكم أساسه بالإيمان®.
أول واجب على الوالدین هو غرس العقيدة الصحيحة، فهي الأساس لبناء إيمان المسلم، وأخباره بان الله أحب إليه من أمه وأبيه ونفسه، وكذلك يتربى على الخوف من الله، ومراقبته وخشيته لأن ©كل مولود يولد هو على الفطرة
فأبواه يهودانه أو ينصرانه يمجسانه® كما قال رسول الله -^- [صحيح البخاري (1358) صحيح مسلم (2658) عن أبي
هريرة (¢)].
قال أحد
السلف: "كنت صغيرا فقال لي خالي يوما: ألا
تذكر الله الذي خلقك، فقلت: كيف أذكره؟ فقال: قل بقلبك عند قيامك وعند نومك ثلاث
مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي، الله ناظري، الله شاهدي، الله سيحاسبني.
قال: فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته، فقال: قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك، قال فوقع
في قلبي حلاوته، فلما كان بعد عام، قال لي خالي: احفظ ما علمتك، ودم عليه إلى أن
تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة،، ثم قال لي خالي يوما: يا سهل من كان
الله معه وناظرا إليه وشاهده، أيعصيه؟ إياك والمعصية، هكذا يُنشأ الفتيان، وتُربى
الأجيال.
وينشا ناشئ الفتيان منا على ما كان
عوّده أبوه
﴿يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان:13].
وهذا هو
الظلم العظيم حقاً؛ فلا أظلم ممن سوَّى المخلوق من تراب بمالك الرقاب، وسوى الذي
لا يملك من الأمر شيئاً بمالك الأمر كله، وسوى الناقص الفقير من جميع الوجوه بالرب
الكامل الغني من جميع الوجوه، فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟
روى الشيخان في صحيحيهما عن ابن مسعود -ا- قال: لما نزلت: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾
[الأنعام: 82] قلنا: يا
رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟! قال: ليس كما تقولون ﴿ ولَمْ يَلْبِسُوا
إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ أي بشرك، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ
بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾.
ومن الشرك دعاء غير الله، قال تعالى: ﴿ ومَنْ أَضَلُّ
مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف:5] ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ [الأعراف:194].
﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴾. ومن الشرك
الذهاب للسحرة والمشعوذين. ومن الشرك التشاؤم بالأيام أو بالشهور و بالأشخاص.
ومن الشرك الحلف بغير الله، والذبح لغير الله، والنذر لغير
الله. ومن علّق تميمة فقد أشرك.
عبد الله: لو أردنا أن نضغط
لك الدين كلَّه بكلمتين نقول لك: وحِّد واعبد، آمن بأنه لا إله إلا الله، آمن
بالله خالقاً، ورباً، ومسيّراً، إذا آمنت ووحدت فقد بلغت قمَّة العلم، والعلم لا
يصلح إلا بالعبادة.
ثم تأتي الوصية الثانية يقول تعالى في سورة
لقمان: ﴿ ووَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْناً
عَلَى وهْنٍ﴾...
أول الواجبات
بعد التوحيد والإيمان بر الوالدين والشكر لهما فالله قرن حقه بحق
الوالدين: ﴿ وقَضَى رَبُّكَ إلّا تَعْبُدُوا إلّا إِيَّاهُ وبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23].
رضا لله من رضا الوالدين....
وإذا كان حق
الوالدين من الحقوق العظيمة المؤكدة فإن حق الأم آكد وأعظم، يقول الله (¸): ﴿ حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وهْناً عَلَى وهْنٍ ﴾ [لقمان: 14].، فجعل حق الأم على الابن أعظم
وأكبر من حق الأب، لأن الأم أوفر رحمة وأعظم شفقة، فهي التي تقاسي من آلام الحمل والوضع،
وهي التي تشقى وتتعب في الرضاعة والحضانة والتربية، إنها تسهر ليلها ليرتاح ابنها،
إنها تجوع نهارها ليشبع ابنها، كما أن الأم هي المحور والمركز الذي تلتقي حوله الأسرة،
وهي مصنع الرجال ومربية الأطفال، لذا استحقت التكريم والرعاية والعناية، وأمر رسول
الله -^- بلزومها براً وخدمة وإحسانا فقال ‰ لمن أراد الجهاد معه، وأراد
الهجرة معه: ©إلزمها فإن الجنة تحت أقدمها®، وفي رواية © ألزم رجلها فثم الجنة®[صحيح، أخرجه أحمد (3/429) والنسائي، وابن
ماجه: كتاب الجهاد - باب الرجل يغز وله أبواب، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي
(2908)].
وجعل رسول الله
حقها آكد من حق الأب ثلاث مرات، حين سأله رجل: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي،
يا رسول الله فقال: « أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ
أَدْنَاكَ، أَدْنَاكَ ». [ صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]
﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وهْناً عَلَى وهْنٍ
﴾، أي: ضعفاً على ضعف، والمرأة بذاتها ضعيفة، فاجتمع لها ضعفها الذاتي مع ضعف بسبب
الجنين الذي يتغذى منها، ويكبر في أحشائها يوماً بعد يوم؛
لأمك حق لو علمت كبير |
عظيمك يا هذا لديه
يسير |
جاء في الأدب المفرد أن رجلاً يمانيا حمل
أمه وراء ظهره يطوف بالبيت فرأى ابن عمر م فقال: إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت
ركابها لم أذعر، الله ربي ذي الجلال الأكبر، حملت أكثر مما حملت، فهل ترى جازيتها
يا ابن عمر؟ قال: لا ولا بزفرة واحدة. وفي رواية ولا بطلقة واحدة من طلقات الولادة.؛
لهذا كان عقوق الوالدين من أكبر، الكبائر.
ثم يقول تعالى: * أَنْ
اشْكُرْ لِي ولِوَالِدَيْكَ & [لقمان: 14]
اشكر لله أولاً الذي خلق لك
أبيك وأمك.
أنِ اشكر لله فهو الذي عافاك وأعطاك
ومنحك وأمنك.
أنِ اشكر لله فهو الذي يسّر لك الغذاء
في بطن أمك عبر الحبل السري.
أنِ اشكر لي ولوالديك فهما
قضيا وقتاً طويلاً في رعايتك، في حملك، في تغذيتك، في تربيتك، في تنميتك، إذاً يجب
أن يتَّجه شكرك لله أولاً ثمَّ لوالديك اللذين كانا سبب وجودك، واللذين كانا ممرَّ
فضل الله Q
إليك.
والشكر لله وللوالدين
علامة سعادة الإنسان،
قال سفيان بن عيينه - / -:
([1]) ©من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى،
ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما ®
﴿ أَنْ اشْكُرْ لِي ولِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ نعم
إلي المصير،
إنها التربية على الإيمان بالآخرة، وأنه ما
منا من أحدٍ إلا وسيقف بين يدي ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فإنا لله وإنا إليه
راجعون.
ثم يقول تعالى: ﴿ وإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى
أَنْ تُشْرِكَ بالله ما ليس لك به علم ﴾ [لقمان: 15].
ويتحقق حق الوالدين على الأولاد بطاعتهما ما
داما يأمران بالخير، فإن أمرا بمعصية الله فلا تجوز طاعتهما، إذ لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق ولكن لا يسقط حقهما في المعاملة الطيبة والصحبة الكريمة حتى لو كانا
كافرين وصاحبهما في الدنيا معروفا.
أمرك أبوك أن تتعامل بالربا والحرام والكذب
في تجارتك وبيعك ً فلا تطعه.
أمرك والداك احدهما أو كلاهما بقطع الصلاة
فلا تفعل.
أمرك أبوك أن تعق أمك أن تقطع أرحامك فلا
تطعه فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
﴿ وإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تشرك بي ما
ليس لك به علم ﴾ [لقمان:
15]. هذه الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص -ا-، لما
أسلم سعد غضبت أمه - وكانت شديدة الحب له فكادت تُجَنُّ وحلفتْ لا تأكل ولا تشرب ولا
تغتسل، حتى يرجع دينه، فلما علم سعد بذلك قال: دعوها والله لو عضَّها الجوع لأكلتْ،
ولو عضَّها العطش لشربتْ، ولو أذاها القمل لاغتسلتْ، أما أنا فلن أحيد عن الدين
الذي أنا عليه، فنزلت: ﴿ وإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً & [لقمان: 15] ولو كانا كافرين ولو
كانا مؤمنين.
ثم يقول تعالى: * واتَّبِعْ
سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ & [لقمان: 15].. اتبع
سبيل من أناب إلى الله.
هنا يأمر الله تعالى باتباع سبيل المؤمنين، والسير على نهجهم وطريقتهم، وأولى الناس بالاتباع هم الأنبياء، وعلى رأسهم محمد -^-، ثم صحابته الكرام- رضوان الله عليهم-؛ لأن اتباع أي سبيل آخر، يؤدي إلى النار –والعياذ بالله- كما قال الله تعالى: * ومَنْ يُشَاقِقْ
الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ
الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وسَاءَتْ مَصِيراً ﴾[النساء:115]
* واتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ
أَنَابَ إِلَيَّ & صاحب من يُذكّرك بالله
رؤيته، ويزيدك علما وخشية منطقُه، صاحب من يعينك على طاعة الله ويبعدك عن معصية
الله.
إنها رسالة في أهمية الصحبة في التربية، وحُسن
اختيار الصحبة لأولادنا ولبناتنا.
صاحب من يُذكّرك بالله رؤيته ويزيدك علما وخشية
منطقه. صاحب من يعينك على طاعة الله ويبعدك عن معصية الله.
﴿ الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ إلا المتقين﴾ [الزخرف:
67].
! جاءتنا الأخبار أنَّ أحد الشباب سلك طريق
الاستقامة وركب سفينة النجاة، وبدأ يحافظ على الصلاة ويحفظ القرآن، بدأ يتذكر
أصحاباً له لا زالوا يغرقون في لجج المعاصي والآثام، ودَّ لو أنهم ركبوا معه في
سفينة التوبة والنجاة، وانضموا إلى قوافل العائدين، زارهم وليته لم يفعل! وهذه
نصيحة لكل تائب وجديد في طريق الاستقامة، لا تذهب لأصحاب الماضي وحيداً، خذ معك من
يعينك على دعوتهم؛ لأنَّ الكثرة تغلب الشجاعة. زارهم يريد لهم الهداية؛ فبدأ
الهجوم عليه من كل الجهات، أتذكر يوم كذا وكذا، وعلت الأصوات، وانطلقت الضحكات، وقام
من عندهم بعد أن جددوا جراحاً ماضية، وحركوا في القلب والنفس أشياء، وبدأ الصراع
من جديد، جاءوه بعد أيام يعرضون عليه السفر إلى مكان قريب بقصد شراء سيارة، قالوا
له: نريد من يذكرنا بالله ويؤمنا في الصلاة ويعلمنا الجمع والقصر، فزينت له نفسه
السفر وانطلق معهم، وليته لم يفعل! هناك حيث يُعصى الله استأجروا شقة مفروشة وتركوه
فيها، وذهبوا وهم يخططون كيف يعيدونه إلى شواطئ الضياع مرة ثانية، أمضوا ليلتهم في
سهرة ليلية بين خمر وغناء، وهو هناك ينتظرهم، اتفقوا مع بغي زانية فاجرة على أن
يدفعوا لها الثمن أضعافاً مضاعفة إن هي استطاعت أن توقع صاحبهم في الفاحشة. الله
أكبر! يدفعون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، أدخلوها عليه، ومعها خمر وشريط غناء، حتى
تكون الليلة حمراء، والخمر مذهب للعقل، والغناء بريد الزنا، خلت به وخلا بها «وما
خلا رجل بامرأة إلاَّ كان الشيطان ثالثهما» ولا زالت به حتى سقته كأساً من خمر،
ثم ثانية ثم ثالثة ثم وقع المحظور، وانهدم في لحظات بنيان لطالما تعب حتى بناه، نام
في فراشه عارياً مخموراً والعياذ بالله! فلما أصبح الصباح جاء شياطين الإنس يطرقون
الباب وضحكاتهم تملأ المكان، فتحت الفاجرة لهم الباب، فقالوا لها: هاتِ ما عندك، ما
الخبر؟ ما البشارة؟ قالت: أبشروا أبشروا فقد فعل كل شيء، شرب الخمر وزنا ثم نام وهو
عريان في فراشه الآن! تباً لهم ولأمثالهم أيفرحون ويستبشرون أن عُصي الله؟! يفرحون
أنَّ صاحبهم زنا وشرب الخمر، بعد أن كان يصلي ويقرأ القرآن؟! دخلوا عليه ضاحكين
شامتين وهو مغطىً في فراشه، أيقظوه، فلان فلان فلم يجبهم، فكرروا النداء فلان فلان
فلم يجبهم، حركوه وقلَّبوه في فراشه فلم يستيقظ. اسمع الفاجعة، صاحبنا شرب الخمر وزنا
ونام، ومات من ليلته في فراشه على أسوأ ختام، إنا لله وإنا إليه راجعون! يالله! أما
كان صاحبهم يصلي ويصوم ويقرأ القرآن؟! أليس قد جاء معهم يريد لهم الهداية فأرادوا
له الغواية؟! لقد دفعوا أموالهم وأوقاتهم ليصدوه عن سبيل الله، فهل سينقذونه من
عذاب الله، أي أصحاب هؤلاء؟! وصدق الله حين قال: ﴿ ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ
عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا
ويْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ
الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 29].
فلا
تصحب أخا الفسق وإياك وإياه
فكم
فاسقٍ أردى مطيعاً حين آخاه.
وقال -^-: «إنَّ من الناس مفاتيح للخير
مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح
الخير على يديه، وويلٌ لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه»[ رواه ابن
ماجة وحسنه الألباني
].
ثم يقول تعالى:* ثُمَّ
إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ &.... المرجع والمصير
والمآب والمنتهى إلى الله: لماذا؟
*ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ & المرجع والمصير والمآل والمنتهى إلى
الله: لماذا؟
إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ للحساب والعقاب، إِلَيَّ
مَرْجِعُكُمْ فلا بد من الوقوف بين يدي الله،﴿إِنْ
كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ
أَحْصَاهُمْ وعَدَّهُمْ عَدّاً * وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً ﴾ [مريم:95]
إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ أنبِّئكم
بحقيقة أعمالكم، وأنبِّئكم بنتائج أعمالكم، ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ
مَوْلاهُمْ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾[الأنعام:62]
عباد الله وصايا لقمان لم تنته ولنا لقاء آخر بحول الله وقوته.
هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى
فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: * إِنَّ
اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً&. [الأحزاب: 56]
اللهم صلِّ وسلّم
على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.