وصايا لقمان اللحكيم (1)

 وصايا لقمان (1)

الحمد لله الذي يقبل توبة التائبين ويمحو بفضله وعفوه وحلمه إساءة المذنبين الحمد لله الذي وسعت رحمته كل شيء وهو أرحم الراحمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الأمين صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين وعلى جميع من سار على نهجهم واهتدى بهديهم إلى يوم الدين وحشرنا وإياكم معهم بمنه وكرمه وهو أرحم الراحمين.

اتقوا الله - عباد الله - فبتقوى الله تستنير البصائر، وتستريح الضمائر؛ فتفرق بين السليم والسقيم، والحق والباطل قال تعالى: ﴿ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ويُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ويَغْفِرْ لَكُمْ واللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[الأنفال: 29].

نعيش اليوم وإياكم مع نموذج فريد من القصص القرآنية التي يحكي فيها الله لنا قصة عبد صالح في سورة سميت باسمه؛ إعلاء لشأنه، ذكر الله فيها ما جرى له مع ابنه من حديث مؤثر في التربية والنصيحة،

إنه لقمان الحكيم

عباد لله: كان لقمان مولى من الموالي، لكن رفع الله (¸) ذكره بالتقوى، كان مملوكاً ولكن أحيا الله قلبه بالتوحيد والإيمان، كان أسود اللون غليظ الشفتين كأهل جنوب إفريقيا، لكنه مع ذلك أبيض القلب نقي السريرة، تخرج من بين شفتيه الغليظتين الحِكَم الرقيقة والمعاني الدقيقة.

وصدق رسول الله- -^- حين قال: « إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم »[رواه مسلم].

 لذلك حين ترى مَنْ هو أقل منك في مال، أو صحة، أو جاه، أو منظر فلا تغتر بذلك، ولا تسخر منه وانظر وتأمل ما تميزّ به عليك؛ لأن الخالق سبحانه وزَّع فضله بين عباده بالتساوي، بحيث يكون مجموع كل إنسان يساوي مجموع الآخر، ولا تفاضلَ بين الناس إلا بالتقوى،﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾[الحجرات:13]و قال رسول الله -^-: « لا فضل لعربي على أعجمي ولا أسود على أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح »[ أخرجه أحمد «5/411» »].

قد يقول قائل: ما دام لقمان ليس نبياً، فكيف يؤتيه الله هذا الفضل العظيم؟ الجواب: بالمدد والإلهام الذي قال الله فيه: ﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29].

وقوله جل شأنه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ ويُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ﴾[البقرة:282]، وقوله تعالى: ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ واللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة:105].

عباد الله:لم يكن لقمان فاتحاً عظيما، أو قائداً عادلا، أو حاكماً مصلحا، ولكنه كان مربيا حكيما.نعم إنها التربية؛ لولا المربي ما خفت ربي.ولهذا سنعيش وإياكم مع وصايا لقمان الحكيم لابنه، تلك الوصايا التي جمعت أمهات الحِكم. تلك الوصايا التي ذكرها الله في كتابه لتكون أُسوة للآباء والأمهات، والمعلمين والمربين والمربيات؛ وأصولا للتربية الإيمانية والخلقية.

لقمان سأله أحدهم: ألم تكُنْ عبداً تخدم فلاناً؟ قال: بلى، قال: فَبِمَ أوتيت الحكمة؟ قال: «باحترامي قدَر ربي، وأدائي الأمانة فيما وليت من عَمل، وصدق الحديث، وعدم تعرُّضي لما لا يعنيني».              

وهذه الصفات كافية أيها المؤمنون لأنْ تكون منهجاً لكل مؤمن، اذا أراد أن يؤتيه الله الحكمة، والله لو كانت فيه صفة الصدق في الحديث لكانت كافية.

لذلك وصل لقمان إلى هذه المرتبة وهو العبد الأسود، فآتاه الله الحكمة مباشرة، وهو ليس نبياً ولا رسولاً، وسُمِّيت إحدى سور القرآن باسمه، وهذا يدلك على أن الإنسان إذا أصلح علاقته وصلته بالله، وأخلص في طاعته فإن الله يُكرمه ويُعطيه من فيضه الواسع، فيكون له ذِكْر في مصافِّ الرسل والأنبياء.

لقمان (): قال له مولاه: يا لقمان! اذبح لنا شاة فذبحها ثم قال ائتني بأطيب مضغتين فيها فأتاه بالقلب واللسان.

فقال له: أما فيها أطيب من هذين؟ فقال: لا.

فلما كان ذات يوم آخر قال له: اذبح لنا شاة.فلما ذبحها قال له: ائتني بأخبث مضغتين منها، فأتاه بالقلب واللسان.

 فقال له: أمرتك أن تأتيني بأطيب مضغتين منها فأتيتني بالقلب واللسان، وأمرتك أن تأتيني بأخبث مضغتين منها فأتيتي بهما؟فقال: ليس بأطيب منهما إذا طابا، ولا أخبث منهما إذا خبثا: القلب واللسان.

وبعد لقمان جاء سيدنا رسول الله- -^- يُعلِّمنا هذا الدرس فيقول: «... ألا أن في الجسد مضغة إذا صَلُحت صلح الجسد كله، وإذا فسدتْ فسد الجسد كله، ألا وهي القلب »[ رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير -ا-].

 ويقول -^- في حديث آخر كما في حديث سهل بن سعد المتفق عليه: « من حفظ ما بين لحييه وما بين رِجْليه دخل الجنة ». أي اللسان والفرج.

وكان من دعاء النبي -^-: «اللهم طهّر قلوبنا من النفاق وعملنا من الرياء وألسنتنا من الكذب والغيبة والنميمة وأعيننا من الخيانة إنّك تعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور».

عباد الله: من أهم ما تميز به لقمان:

- تركه مالا يعنيه وطول صمته وقلة كلامه.. وكلها تدور حول معنى واحد وهو حفظ اللسان..

أخي المؤمن: اعلم إن عنوان سعادتك في هذه الدنيا أن تعيش وقد سلم منك الناس وسلمت منهم.

اعلم أن راحتك أن تعيش معافى لا تهمز ولا تلمز ولا تخوض ولا تغتاب، ولا تنشر عيوب الناس وتتبع عوراتهم.

أخي الحبيب: طمأنينتك أن تعيش وأنت تُعظّم حرمات المسلمين وأعراضهم..تعيش وأنت تحمل (هم لسانك) فإن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه.

يقول تعالى ـ عن لقمان في سورة لقمان: ﴿ ولَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴾ [لقمان: 12]،

ما هي الحكمة وما معناها، وكيف نعرفها أيها الكرام؟

الحكمة مصدرها الله سبحانه الحكيم يؤتيها من يشاء، ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ [البقرة:269].

 وهي كما قال السلف: مخافة الله، وقال بعض أهل العلم: «الحكمة هي فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي بالقدر الذي ينبغي ».

والحكمة إذا أُطلقت في القرآن فلها معنيان اثنان: إذا ذُكرت مع القرآن فمعناها السنة، قال تعالى: ﴿ واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ[الأحزاب: 34]. ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ والْحِكْمَةَ وإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ[الجمعة:2]، وإذا ذُكرت وحدها فمعناها وضع الشيء في موضعه، و التسديد في الأمور، ولا حكمة لفاجر ولا سداد لعاصي، ومن عصى الله خذله في كلامه وأفعاله وحاله، ومن بارز الله بالخطايا نزع الله من قلبه الحكمة والنور. ﴿ ومَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾[النور:40].

﴿ ولَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ﴾ [لقمان: 12] ثم فسر الله الحكمة بقوله: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴾ [لقمان: 12] لا إله إلا الله ما أعظمها من حكمة! ورأسها شكر الله (¸)، ولم يفسرها ـ بمنصب أو بشهادة أو بمال، أو بثروة، بل جعلها شكره سبحانه على نعمة الإيجاد، ونعمة الإمداد، ونعمة الطاعة والهداية والإرشاد.

﴿ أَنِ اشْكُرْ للَّهِ.. ﴾ هذه هي الحكمة الأولى في الوجود؛ إنْ تشكر الله على ما قدَّم لك قبل أنْ توجد، وعلى ما أعطاك قبل تسأل، وعلى ما هدى جوارحك لتؤدي مهمتها حتى وأنت نائم، كأنه تعالى يقول لعباده: ناموا أنتم فربكم لا تأخذه سنة ولا نوم.

قيل لأحد الصالحين: ما شُكر الله؟ قال: أما شُكر العينين فالبكاء- وشكر القلب الحياء، وشكر اللسان الثناء، وشكر الأذنين الإصغاء.

هذا هو الشكر،: شُكر العينين البكاء، وعين بكت من خشية الله لا تمسها النار، و شُكر القلب الحياء من الله (¸)؛ بمراقبته والخوف منه وخشيته في السر والعلانية، وأما شكر اللسان فالثناء على الله؛ التسبيح والتحميد، والذكر وتلاوة القرآن، والصلاة على محمد العدنان هذا هو شُكر اللسان، وشُكر الأذنين الإصغاء للخير والحكمة ولكلام الله (¸).

اللهم اجعلنا لك شاكرين لك منيبين لك مخبتين، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد..

أيها المؤمنون: الشاكرين من عباد الله قليل، قال تعالى: ﴿ وقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: 13]، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ ﴾ [النمل:73]أكثرهم يسخطون، أكثرهم لا يُقدّرون نعم الله عندهم، أكثر الناس يشكون الخالق إلى المخلوق.

يقول أحدهم: أعمل بأحد المستشفيات وقاربت فترة دوامي على نهايتها أبلغني المشرف أن شخصيه اقتصاديه تتعامل بمئات الملايين قادم وعلي استقبال وإكمال إجراءات دخوله. انتظرت عند بوابه المستشفى راقبت من هناك سيارتي القديمة جداً وتذكرت خسائري الكبيرة وديوني المتعددة وعندها وصل هذا المليونير ليكمل مأساتي حيث حضر بسيارة أعجز حتى في أحلام المساء أن أمتلك مثلها يقودها سائق يرتدي ملابس أغلى من ملابسي التي ارتديه دخلت في دوامة التفكير في الفارق بين حالي وحاله مستواي ومستواه ( شكلي وشكله )وقلتها بكل حرقه ومنظر سيارتي الرابضة كالبعير الأجرب يؤجج مشاعري ( هذي عيشة )واذا به ينزل من سيارته وكانت المفاجأة الأولى أنه نزل على كرسي متحرك فهو لا يستطيع المشي عموما سبقته إلى مكتبي وحضر خلفي وكان يقوده السائق على كرسي متحرك رأيت أن رجله اليمنى مبتورة من الفخذ اهتزت مشاعري وسألته!!عندك مشكله في الرجل المبتورة!!أجاب بـ لا!!قلت فلماذا حضرت يا سيدي!قال عندي موعد تنويم!!قلت ولماذا!!نظر إلي وكتم صوته من البكاء وأخفى دمعه حارة بغترته وقال( ذبحتني الغرغرينا )وموعدي هو من أجل ( بتر ) الرجل الثانية عندها أنا الذي أخفيت وجهي وبكيت بكاءً حاراً فقال أتبكي على حالي قلت لا بل على حالي وعدم رضاي عن ربي ابكي ليس على حالك فحسب بل لكفر النعمة الذي يصيب الإنسان عند أدنى نقص في حاله ينسى كل نعم المولى في لحظه يستشيط غضباً عند اقل خسارة تحسست قدماي وصحتي فوجدتها تساوى كل أموال و كل سيارات العالم وهذا غيض من فيض من نعم الله!! ومنذ ذلك اليوم وأنا احتسب أي خسارة أو نقص عندي، أو بلاء في نفسي أو أهلي أو مالي راضياً بحكم الله الحمد لله الذي بشكره تدوم النعم.

يقول سبحانه: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13] جمع داود () آله وأولاده- فخطب فيهم وبكى وقال: « يا آل داود! إن الله أنعم عليكم بنعم ظاهرة وباطنة، أتريدون أن تبقى؟ قالوا: نعم. قال: قيّدوها بالشكر».

إذا كنت في نعمةٍ فارعها ‍
وحافظ عليها بتقوى الإله ‍


 فإن المعاصي تُزيل النعم
 فإن الإله سريع النقم


وإذا ما شكر الإنسان ربه على ما علمه وأعطاه ووهبه؛ فإن ذلك من أسباب زيادة النعم كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾[إبراهيم:7]

ثم يقول تعالى ﴿ ومَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾ [لقمان: 12] من صلَّى صلَّى لنفسه، من صام صام لنفسه، من عمل صالحا فلنفسه، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم. ﴿ ومَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [لقمان: 12]، ومن كفر بهذه النعم؛ فإن الله غني حميد، أي: لا يحتاج إليهم وليس في حاجتهم، وإنما تسببوا لأنفسهم بويل وخسران.

قال تعالى:﴿ وإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ ﴾.

عباد الله: مع وصايا لقمان الحكيم لابنه. مع المنهج القرآني لتربية الأبناء قال تعالى: ﴿ ø وإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ﴾..

هل استشعرت أخي الحبيب نعمة البيان، لو حُرمت نعمة الكلام يقول تعالى:﴿ الرَّحْمَنُ *عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 4].

أيوب () روي انه قال: يارب ابتليني بما شئت، ولكن اترك لي لسانك أذكرك به وأسبحك به.

﴿ وإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وهُوَ يَعِظُهُ ﴾.

 والمواعظ إذا خرجت من قلب صادق لاقت بإذن الله قبولا مباركا، قبل أن نعظ الآخرين لنعظْ أنفسنا أولا، ولندقق في أخطائنا..

﴿ وإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ ﴾.

هذه الجلسة الإيمانية، والحوار المباشر الخاص بين الأب وابنه، أو المربي ومن يربيه.تلك الجلسة التي يبث فيها موعظته ومشاعره والتي يعبر له فيها عن حبه، ويذكره بالعلاقة بينهما فكرر النداء بلفظ " يا بني" هذه الجلسة المفقودة في معظم بيوتنا حين يجلس الأب مع أبنائه يعظهم، ويذكّرهم حين يجلس المربي مع يعلمهم ويربيهم بهذه الوصايا.

يا بني:

 كلمة يا بنيَّ ماذا يُستنبط منها؟ هذه اللفظة تفتح القلب، لفظة محبَّبة، فكأن الله ـ من خلال وصيَّة سيدنا لقمان، يُعلِّمنا أنه عليكَ أن تفتح قلب الإنسان قبل أن تفتح عقله، القسوة لا تُجدي. قال تعالى ﴿ ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾[آل عمران: 159].

قد كان -^- يصنع هذا، وذلك مثلا لما قال لمعاذ بن جبل -ا- عندما أراد أن يوصيه أَخَذَ بِيَدِهِ وقَالَ: © يَا مُعَاذُ! واللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، واللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ... أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ: لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبَادَتِكَ ® [رواه أبو داود (1522) قال النووي في "الأذكار" (ص/103): إسناده صحيح. وقال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (ص/96): إسناده قوي. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود]. 

يجب على الأب أن يستخدم ألطف والين العبارات لتربية أولاده ونصحهم. ٍ

وتأتي أول وصية وأعظم وصية ﴿ يا بُني لا تشرك بالله﴾: سنبدأ بها جمعتنا القادمة إن شاء الله.

هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: * إن اللَّهَ ومَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً &.

اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.